بسم الله الرحمن الرحيم
بقلم: م/ أميرة الجلباب
لم يكتف الإلحاد بوصمة العار التي وصم بها المرأة إلى الأبد، حين وصمها بالأصل الحيواني في قصة الخلق الأولى.. ولأن حياة الإنسان وسلوكَه يتأثران بأصله؛ صارت النزعة البهيمية عند الملحدة تهيمن على كل مناحي الحياة، وتصاحبها خلال مختلف مراحلِ عمرها وحتى موتها!
رماها الإلحاد بالدونية والتخلف عن الرجل في سلم التطور حسب ما قررته نظرية النشوء والارتقاء.. ثم تتابع الازدراء والاضطهاد على المستوى العملي بما لا يقل فجاجة وقبحا عن المستوى النظري!
لقد حط الإلحاد من قيمة المرأة عندما ازدراها في أصل الخلق، ثم مرة أخرى لما ازدراها في نظريته التطورية، حيث بقيت أكثرَ بدائية من الرجل في عملية
الارتقاء، ونظرا لتخلفِها الطبيعي هذا؛ أصيبت الملحدة بمُركب نقص دائم،جعلها تسعى لتعويض هذا النقص بالسعي الحثيث للمطالبة بالمساواة بالرجل في كل شيءإلى الدرجة التي طالب فيها البعض بإلغاء الفروق
البيولوجية بين الرجل والمرأة بعد أن ثبت علميا أن هذه الفروق هي المنبع الرئيس للتمايز بينهما، وليست الفروق الاجتماعية أو البيئية كما كانوا يدعون!! وظهر لهم أن الاعتداء هو اعتداء الطبيعة، واتضح أن حرب المرأة الملحدة من أجل المساواة هي في الحقيقة حرب مع الطبيعة وليست حربا مع المجتمع!..
وقد توصلت حركة المرأة في الغرب بعد تجاربَ دامت قرنا من الزمان إلى أن الحقائق البيولوجية تشكل عقبة في سبيل حصول المرأة على درجة متساوية مع الرجل، فهو "اعتداء" الطبيعة وليس اعتداءا من قِبل المجتمع!.. وظهرت مطالبات باستخدام علم تطويرالأجنة لتعديل شفرة الوراثة )الجينات( داخل رحم الأم،وذلك لأجل استحداث نظام أحيائي يولّد نساءً من نوع جديد!، فيُنهي هيمنة الرجال، ويؤدي إلى إقامة مجتمع.يتساوى فيه الجنسان من حيث الكفاءة والقدرات!! هكذا!! استحداث نساء من نوع جديد!! كما تُستحدث
سلالات جديدة من البهائم!!
مأساة المساواة ..ومنافاة الطبيعة!إن مبدأَ المساواة الذي تؤمن به المرأة الملحدة هو مبدأ ينافي الطبيعة ويعارضُها؛ وذلك بسبب الاختلافات الجسمية، والنفسية، والعضوية، والعقلية، التي تخالف فيها المرأةُ الرجلَ، وهذه المنافاة مع الطبيعة انعكست آثارُها السيئة على حياة المرأة الملحدة ومجتمعها بما يؤول بهما نحو الدمار المحقق!.. وهذا ما ثبت علميا عبر الأبحاث والدراسات الاجتماعية المهتمة بهذا الصدد.
يقول "د. اليكسيس كاريل" ) 1873 - 1944 ( - الحائز علىجائزة نوبل - الذي قام ببحث هذه القضية في ضوء علم الأحياء بدقة وشمول:
?
الفروق التي توجد بين الرجل والمرأة لا ترجع فقط إلى الاختلاف في هيئة الأعضاء التناسلية ووجود الرحم،وعوارض الحمل، أو أسلوب التعليم، بل
هي تعود إلى طبيعة أكثر أساسية؛ فالتباين بينهما ناتج عن تكوين الأنسجة نفسها،وعن تشرُّب النظام الجسماني كله بموادَّ كيماوية معينة تخرج من المبيض، وقد أدى الجهل - بهذه الحقائق الأساسية- بأنصار حركة تحرر المرأة إلى الاعتقاد بضرورة التماثل في التعليم والسلطةوالمسئولية بين الجنسين، مع أن الحقيقة هي أن المرأة تختلف عن الرجل اختلافا عميقا، فكل خلية من خلاياها تحمل بصمات الأنوثة، ونفس الأمر ينطبق على أعضاء جسدها أيضا، بل وفوق ذلك ينطبق هذا الأمر على نظامها العصبي نفسه، إن القوانين الفسيولوجية )أي الخاصة بوظائف الأعضاء( صلبةٌ كالقوانين التي
تتحكم في حركة النجوم ولا يمكن تبديلها برغبات البشر فعلينا أن نقبلها
كما هي، وينبغي على النساء تنمية قدراتهن مع الإطار الذي وفرته لهن
الطبيعة بدون محاولة تقليد الرجال، إن مساهمتهن في تقدم الحضارة البشرية أكبرُ بكثير من الرجال، وينبغي ألا يتخلين عن أدوارهن المتميزةويؤكد الباحث الأمريكي "ستيفن غولدبرغ Steven Goldberg " في كتابه "حتمية النظام الأبوي The Inevitablility Of Patriarchy "
المنشور سنة
1977 على أن تباين الرجل عن المرأة في المجتمع ليس بسبب ضغوط اجتماعية في واقع الأمر، بل الفروقُ الطبيعية الأساسية بين الجنسين هي الأسباب الحقيقية [??]ويقول خبير علم النفس "د. بنداك":
إن العوامل الأحيائية )البيولوجية(تغلب على الشخصية، إنّ تمتُّع الرجل بمزايا السيادة إزاء المرأة يرتبط بالطبيعة، خلافا لما كان يُعتقد بأنه مكتسب من البيئة الثقافيةأما العالم الروسي "أنطوان نيميلوف" الذي كان يتطلع إلى أن تتحقق المساواة الشاملة بين الرجل والمرأة يوما ما، يعترف بنفسه أن هذه الرغبة
تُناقض علم الأحياء ولأجل ذلك لم نتمكن من تحقيقها عمليا حتى الآن، ويقول:
تحقيق المساواة بين الرجل والمرأة في الحياة العملية ليس أمرا هيناأو بسيطا، ففي الاتحاد السوفييتي بُذلت الجهود للمساواة بين الرجل والمرأة أكثر من أية بقعة في العالم، فلم توضع في أي بلد قوانينُ أكثر تسامحا مع المرأة مثلما وُضعت في الاتحاد السوفييتي، لكن الواقع هو أن وضعها في الأسرة لم يتغير إلا على نطاق محدود .ثم يقول:
إن المبدأ الثوري يصطدم هنا بقوة مع واقع طبيعي يحظى في حد ذاته بأهمية كبيرة، أي مع حقيقة أن الجنسين لا يتماثلان من الناحية البيولوجيةولم يتم تكليفهما بأعباء متماثلة إن علم الحياة ) البيولوجي( يثبت فروقاً بين المرأة والرجل تبدأ في وقت مبكر جداً قبل الحمل، ويظهر ذلك في الفروق الموجودة بين الحيوان المنويللذكر وبويضة الأنثى. فبعد أبحاث طويلة قام بها العالم الأمريكي "د.شبنلر" وأعوانه،وجد أن الكروموزوم ) ×( الذي ينتج الأنثى يتميز بأنه يتجمع جنبا إلى جنب،وأنه بطيء الحركة وإن كان أكثر تحملاً للبيئة؛ ولذلك يعيش مدة أطول، كما أنه
ينتعش ويزداد حيوية إذا وجد في المواد الحمضية. أما الكروموزوم ) y( الذي ينتج الذكر فإنه يتمتع بسرعة الحركة والحيوية الشديدة، ويزداد حيوية وانتعاشا إذا وجد في المناخ القلوي، ولكنه أقل.تحملا لظروف البيئة، ويموت بسرعة .كما أثبتت الأبحاث العلمية اختلافاً واضحا بين المرأة والرجل في القدرات العقلية، من حيث التفكير، والذكاء،والإدراك، وتحليل المواقف، والنمو العقلي، وغيرها من القدرات العقلية ففي مقال نشرته مجلة )الريدرز دايجست( في عدد ديسمبر عام 1979 م تحت عنوان )لماذا يفكر الأولاد تفكيراً مختلفاً عن البنات( وهو عبارة عن ملخص لكتاب)الدماغ : آخر الحدود( للدكتور "ريتشارد ديستاك"جاء فيه:
إن الأبحاث العلمية تبين أن الاختلاف بين الجنسين ليس عائداً فحسب إلى النشأة والتربية] 14 [، وإنما يعود -أيضاً- إلى اختلاف التركيب البيولوجي، وإلى اختلاف تكوين المخ لدى الفتى عن الفتاةكما جاء فيه:
وما يعتبر اكتشافاً مذهلاً، هو أن تخزين القدرات والمعلومات في الدماغ يختلف في الولد عنه في البنت.. ففي الفتى تتجمع القدرات الكلامية في مكان مختلف عن القدرات الهندسية والفراغية،بينما هي موجودة في كلا فصي المخ لدى الفتاة، ومعنى ذلك أن دماغ الفتى أكثرُ تخصصاً من مخ أختهوصدق الله العظيم حيث قال ( وَلَيْسَ الذَّكَرُ كَالأُنثَى) العمران 36
لذلك نقول إن المرأة الملحدة في حربها من أجل المساواة إنما تخوض في الحقيقة حربا على الطبيعة التي أوجدتها -على حد زعمها- فهي في ثورة عارمة ضدها، وتذمر يائس من نوعها الإنساني الذي اختارته لها.. ويحق
لنا بذلك أن نسأل المرأة الملحدة: لماذا تتذمرين على الطبيعة التي أوجدتك؟
ألم تبعث إليك هذه الطبيعة برسائل محبة تطمئنك إلى حسن اختيارها؟ ألا تثقين في حسن اختيارها؟ ألا تحمدينها على فعلها وتشكرين اختيارها بدلا من هذاالتذمر؟ أهذا هو الوفاء ورد الجميل لمن أحسن إليك؟ أمأنك تعتبرين أن وجودك في الحياة شيئًا غير حسن ولايستحق الشكر؟ فإن كان كذلك فما أتعسها من حياة!
إن كنت تعتبرين كونك "أنثى" شيئا حسنا؛ فعليك أنترضَي باختيار الطبيعة وأن تشكريها على النوع البشري الذي وهبته لك، وإذا كنت لم ترضَي به وأبيتِ إلا التذمر؛فأنت غير مقتنعة بصنع الطبيعة التي أوجدتك وتصرفها
فيكِ! وهذه إشكالية كبيرة!فإن لم تتوصلي لحلها فلامعنى لتشبثك بالحياة حتى الآن! فالوضع المنطقي لكِ هو الموت..
إن عدم انتحار الملحدة-التي تسعى للمساواة بعد أن ثبت علميا أن موانع المساواة بيولوجية بحتة - يُعد تصرفا غير عقلاني ولا منطقي! كما يُعد أيضا تصرفا متناقضا مع مبدأ الإلحاد نفسه!
الواقع يشهد بفشل مبدإ المساواة!بالرغم مما وُضع من تشريعات لتحقيق المساواة بين الرجل والمرأة في جميع دول العالم، واضمحلال العقبات -القانونية أو العرفية- التي تحول دون انطلاقة المرأة إلا أن المساواة التامة مع الرجل لم تتحقق في أي مجال حتى الآن! وإن لب المشكلة يكمن فيمن اتخذ من مبدإ "المساواة" عقيدة بدون أساس!!
وفيما يلي خلاصة ما قالته دائرة المعارف البريطانية بهذا الصدد:
لقد زالت اليوم جميع القيود الاجتماعية القديمة، وسُن قانون المساواة
إن عدم انتحار الملحدة - التي تسعى للمساواة بعد أن ثبت علميا أن موانع المساواة بيولوجية بحتة - يُعد تصرفا غير عقلاني ولا منطقي! كما يُعد أيضا تصرفا متناقضا مع مبدأ الإلحاد نفسه!!بين الرجل والمرأة في كل دول العالم،
وبالرغم من ذلك تعاني المرأة الحديثة من وضعٍ أدنى إزاء الرجل، وهي لم تحصل على درجة مساوية للرجل في أي من مجالات الحياة،وتوضح هذه الحالةأن تباين وضْع المرأة عن الرجل لم يكن بسبب تلك العوامل التي تذرع بها دعاة تحرر المرأة، لأنه لو كانت تلك هي الأسباب الحقيقية لحصلت المرأة على المساواة الكاملة مع الرجل في منتصف القرن العشرين، وذلك ما لم يتحقق حتى الآن.. وهذا يحتم البحث عن سبب آخر..
وقد اكتشف العلم الحديث هذا السبب
الآخر وهو أن الفروق بين الجنسين ليست ناتجة عن عوامل اجتماعية، وإنما
بسبب تباينهما في التكوين الإحيائي)البيولوجي( حتى فيما قبل الولادة،فالأسباب الحقيقية تكمن في التكوين البيولوجي، وليست في الأحوال الاجتماعية، وقد أجريت بحوث علمية كثيرة في أعقاب الحرب العالمية الثانية وهي تقرر بحزم أن هناك فروقا جوهرية من الناحية البيولوجية بين الجنسين،وسيبقى التباين في وضعهما الاجتماعي.ما بقيت هذه الفروق البيولوجية لنا عودة لتكملة هذا المقال الشيق